تعرف على السويد

لماذا يصعب تكوين صداقات مع السويديين؟

لماذا يصعب تكوين صداقات مع السويديين؟

كثيرة هي الاستطلاعات التي تضع السويد في مراكز بارزة في نوعية الحياة، ولكن

بالمقابل تضعها في المراتب الأدنى بتكوين الصداقات، فهل هذا صحيح؟ وإن كان

كذلك، فما هو السبب؟

في استطلاعين أجرتهما (شبكة مجموعة المغتربين) و (HSBC لمستطلعي

المغتربين)، تم توجيه أسئلة لغير السويديين الذين عاشوا في السويد، عن رأيهم

بصعوبة تكوين الصداقات مع السويديين، فأجابوا: 72% منهم وجدوا صعوبة في

التعرّف إلى السويديين.

وفي استطلاعات أخرى محلية، عبّر الناس عن الصعوبة ذاتها، ولكن دافع آخرون عن

السويديين بأنّهم ودودون مع من يبذل جهداً كافياً للتعامل معهم.

Foto: Ulf Lundin/imagebank.sweden.se

قرب الوطن

تحاول بروفسورة العلوم الاجتماعية في جامعة يوتوبوري، ماريس خيليت، أنّ تفسّر الأمر باكتفاء السويديين بشبكة العلاقات الاجتماعية التي يملكونها. 

تقول بأنّ السويديين، وحتّى الذين يسافرون خارج السويد أو ضمن السويد في أماكن مختلفة، ينتهي بهم الحال للاستقرار في مسقط رأسهم أو بالقرب منه، ولذلك يكونون مكتفين بشبكة العلاقات الاجتماعية التي لديهم، ولا يسعون لعقد صداقات جديدة.

ترى صوفي ديفو، مدرسة اللغة السويدية للأجانب، بأنّ ذلك متجذر في تاريخ السويد الفلاحي، حيث كان الناس يعيشون على طول البلاد في قرى منعزلة.

تقول ديفو بأنّ السويديين يقدّرون حرية قضاء الوقت وحيدين، والمشي في الغابات، والشعور بسلام الطبيعة، دون الحاجة لضغط القيام بأشياء مع أناس آخرين.

Credits: Christopher Hunt/imagebank.sweden.se

دولة الرفاه

ترى ديفو بأنّ وجود دولة الرفاه السويدية هي عامل آخر يسبب عدم رغبة السويديين بعقد صداقات جديدة، لكنّها ترى بأنّ الأمر إيجابي.

تقول ديفو بأنّ الناس في البلدان الأخرى تحتاج للاعتماد على الأصدقاء والعائلة لأنّهم لا يملكون دولة رفاه يعتمدون عليها، بينما ليس لدى السويديين مثل هذه الحاجة، فهم مكتفون بدولتهم.

يمكن تتبع ذلك إلى بعض المواقف السياسية المؤسسة للمجتمع السويدي. كمثال بيان الجناح النسائي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي لعام 1972، حيث جاء فيه بأنّ عائلة المستقبل في السويد يجب أن تضمّ أفراداً مستقلين تماماً وقادرين على إعالة أنفسهم خارج وحدة الأسرة.

الهدف من مثل هذه الأساسات هي خلق مجتمع لا تربط العائلة فيه الالتزامات، بل العلاقات الحرّة التي لا يعتمد فيها أفراد العائلة على بعضهم مادياً، بل يعتمدون على دولة الرفاه، ويختارون البقاء مع بعضهم بشكل إرادي.

تؤكّد عالمة الاجتماع خيليت هذا الأمر، وتقول بأنّ الفكرة أنّ السويديين لديهم الفرصة بالعيش مستقلين في جميع مجالات الحياة، دون الحاجة لتلقي المساعدة من أشخاص آخرين. وجزء من تأثير هذا هو تقليص فرص التواصل الاجتماعي.

Photo: Tina Stafrén/imagebank.sweden.se

الشعور بالوحدة

في دراسة للصليب الأحمر، تبيّن بأنّ 40% من البالغين السويديين يشعرون بالوحدة. يجعل هذا الكثيرين يشككون بأنّ (الاستقلالية السويدية) ناجحة.

تقول صوفي بأنّ السويديين أنفسهم يعانون من صعوبة عقد صداقات فيما بينهم، وليس ذلك مقتصراً على الوافدين الجدد، أو الذين لديهم خلفيات غير سويدية.

يبدو أنّ لهذا علاقة بشكل أو بآخر بمفهوم التهذيب لدى السويديين. فعلى عكس الكثير من الأماكن التي تعرّف الفظاظة والجلافة بشكل مختلف، يرى السويديون بأنّ التهذيب يعني احترام خصوصية الآخرين لآخر حد، كمثال: عندما تتجاهل وجود شخص آخر أثناء المشي في الشارع أو الحديقة.

تحدّث فلم وثائقي من إنتاج 2016 عن الأمر، حيث كان أستاذ اللغة السويدية يعلّم الأجانب كيفيّة الردّ وطلب الأشياء في السويد، وبأنّ القاعدة الذهبية هي: (الحديث من فضة، والسكوت من ذهب). كان الأمر واضحاً: تحدثوا أقلّ ما يمكنكم، وبعبارات قصيرة جداً.
 

Photo: Melker Dahlstrand/imagebnk.sweden.se

لسنا منعزلين

أظهرت دراسة في 1985 بأنّ السويديين لا يرون أنفسهم متحفظين رغم إدراكهم لسمعتهم في الخارج. أشارت الدراسة إلى أنّ السويديين لديهم مشكلة في التواصل، حيث يشعرهم ذلك بالحصر النفسي، ويخشون ممّا قد ينجم عن محاولتهم التواصل مع الآخرين.

ماريس سويدية كانت تعيش في الخارج، وتتحدث عن تجربة شخصية، فتقول بأنّها قامت مع زوجها بدعوة زوجين إلى العشاء. ثمّ بعد أشهر، قام أولئك بردّ دعوتهما للعشاء. قالت لها الزوجة بأنّهما كانا قلقين وخائفين من التواصل معهما، ولم يريدا أن يفرضا التزام الصداقة عليهما.

تابعونا على موقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى