كرمه ملك السويد، تعرف على المخترع و ورائد الأعمال السوري مأمون الطاهر
أخبارالسويد
كرمه ملك السويد، تعرف على المخترع و ورائد الأعمال السوري مأمون الطاهر
مأمون طاهر.. باحث ورائد أعمال سوري في السويد
خاص أكتر- أخبار السويد
قبل ثلاث سنوات التقت منصة “أكتر” المخترع وريادي الأعمال السوري الدكتور المهندس مأمون طاهر، وكانت المناسبة في ذلك الحين تطويره جيلاً جديداً من مادة الغرافين أطلق عليها اسم “أروس غرافين”، ومادة الغرافين هي مادة ثنائية البعد تعد أرق مادة تم اكتشافها حتى الآن، لكنها وبنفس الوقت أخف وأمتن المواد المعروفة، حيث أنها أقوى من الفولاذ بمئتي مرة وأخف من القطن. أبحاث د. مأمون تركزت في ذلك الوقت على حل مشاكل إنتاج هذه المادة واستخدامها صناعياً والاستفادة من خصائصها الفريدة.
في عام 2017 أسس الدكتور مأمون شركة (Graphmatech) في مجال النانوتكنولوجي لتطوير وتسويق مادة الأروس غرافين لتطبيقات صناعية مختلفة. وفي عام 2019 حصل على منحة الملك السويدي للعلوم والتكنولجيا لاختراعه مادة الأروس غرافين. تصنف شركة (Graphmatech) اليوم من قبل مجلة (Nyteknik)، للعام الثالث على التوالي كإحدى أكثر الشركات الناشئة الواعدة في مجال التكنولوجيا. ولهذا وجدت منصة “أكتر” أن الفرصة مواتية لإجراء لقاء جديد مع الدكتور مأمون للتعرف على مستجدات عمله وأبحاثه.
البحث عن قيمة مضافة
يعيش د. مأمون اليوم حياة لا يمكن وصفها بالاعتيادية. فكونه يشغل مناصب المدير التنفيذي والمدير التقني لشركة (Graphmatech) بالإضافة كعمله باحثاً في جامعة أوبسالا يتطلب منه ذلك الخوض في مجالات متعددة كالبحث العلمي وإدارة الأعمال ووضع الاستراتيجيات الاستثمارية والقيادية.
من وجهة نظر د. مأمون، هذا الدمج بين هويتي الباحث وريادي الأعمال يعتبر تحدياً لأن طريقة التفكير والمنهجية مختلفتان: “فالباحث عادة ما يكون مهتماً بتفاصيل النتائج البحثية ونشرها ومشاركتها في المؤتمرات العلمية، أما ريادي الأعمال فيهتم بالقيادة وتوليد فرص استثمارية وخلق قيمة مضافة للعملاء وزيادة المبيعات والخروج بمنتجات جديدة والتوسع والمنافسة بالأسواق العالمية”. ومن وجهة نظر د. مأمون هذه فرصة للتطور والخروج من المنطقة الآمنة إلى مناطق النمو وتطوير الذات والمهارات. يقول د. مأمون بأنه من الصعب اختيار أي جانب يفضل أكثر من عمله: الباحث أم ريادي الأعمال، لكن جانب ريادة الأعمال يستهويه أكثر في الوقت الراهن. فتحويل فكرة إلى شركة عالمية هو أمر شيق للغاية.
الغرافين ورحلة مليئة بالتحديات
وعند سؤاله عن نقاط القوة والتحديات التي تواجه إنتاج الغرافين بكميات كبيرة لأغراض صناعية، قال إن التحديات على مستويات مختلفة تقنية واقتصادية وتسويقية. ” فقد كان زيادة الإنتاج من عدة غرامات إلى عدة أطنان محفوفاً بتحديات كبيرة، لأن الكيمياء التي تنجح في المختبر ليس بالضرورة أن تنجح في خطوط الإنتاج في المعمل، ومع ذلك نجحنا بزيادة القدرة الإنتاجية من عدة غرامات في 2017، لعدة أطنان في الوقت الحالي”. ويضيف د. مأمون أيضاً أن هناك تحديات تقنية أخرى تتعلق بكيفية إضافة الغرافين لمواد أخرى كالمعادن أو البلاستيك وضمان توزعه بشكل متجانس ضمن المادة الحاضنة.
ويتحدث د. مأمون عن التحديات الاقتصادية المتعلقة بالسعر المرتفع لأية مادة هندسية جديدة كون القدرة الانتاجية لا تكون مرتفعة نسبياً في البداية. إلى جانب ذلك، هناك بالطبع تحديات تسويقية وأخرى تتعلق بإقناع العملاء بتبني هذه المادة الجديدة واستخدامها في منتجاتهم، خاصة وأن أية مادة جديدة يجب أن تحقق مجموعة من المعايير التقنية ومعايير السلامة قبل أن يتم السماح بتسويقها بكميات كبيرة.
نظراً للخصائص المميزة لمادة الأروس غرافين هنالك إمكانية واسعة لاستخدامها في مجالات مختلفة كمجالات البناء والالكترونيات والآليات، فعمل شركة (Graphmatech) يرتكز حالياً على الطباعة ثلاثية الأبعاد، تطبيقات الفضاء، السيارات الكهربائية والبطاريات كون هكذا مجالات تتقبل أفكار إبداعية جديدة أكثر من قطاعات صناعية أخرى.
لا ينفي د. مأمون وجود شركات منافسة تحاول إنتاج مواد غرافينية، لكنها وفق تقديراته تواجه التحدي المرتبط بالتكتل (عدم التوزع الصحيح للغرافين ضمن المادة الحاضنة)، وبالتالي فشركة (Graphmatech) و من خلال براءات الاختراع التي تمتلكها هي الآن الأولى عالمياً في تقنيات الأروس غرافين و المواد المعدنية المركبة الحاوية على الآروس غرافين.
هذا ويقع المقر الرئيسي ومركز الأبحاث والمعمل لشركة (Graphmatech) في مدينة أوبسالا في السويد ولديها مكاتب مبيعات في هولندا وألمانيا. وحالياً تعمل الشركة ضمن 36 مشروع موزعين على 14 دولة حول العالم.
السويد بيئة خصبة للأفكار الإبداعية
في اللقاء، سألنا د. مأمون عن رأيه في السويد كمكان ملائم لاحتضان المشاريع الريادية الجديدة. فأجاب بأنها وحسب الإحصائيات تعد من أفضل الدول في ذلك، بحيث أنه وعلى مر السنين تم تطوير منظومة متكاملة وديناميكية لتوليد ودعم المشاريع الريادية الإبداعية.
فالسويد دولة تعتمد بشكل كبير على الابتكار والإبداع كمكون أساسي في اقتصادها المبني على المعرفة والشركات الناشئة. فهي تحتل المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر الإبداع العالمي Global Innovation Index ولديها البنية التحتية المتطورة لدعم وتحويل الأفكار إلى براءات اختراع وشركات ناشئة. فهنالك العديد من الجهات التي تموّل وتدعم الأفكار المستحدثة والإبداعية كمؤسسات (Vinnova and Almi, Universities Innovation Centers).
كما أن هناك فرصة جيدة للشركات الصغيرة الناشئة لعقد شراكات وتعاون مع الشركات السويدية الكبرى، من خلال نظام (Incubation). لذلك فالسويد، ومنطقة ستوكهولم بصورة محددة، تأتي في المرتبة الثانية بعد Silicon Vally في أمريكا فيما يخص الشركات الناشئة. فالعديد من الشركات السويدية الناشئة مثل: klarna وSpotify استطاعت أن تحقق نجاحات كبيرة بقيمة سوقية تجاوزت الـ 40 مليار دولار أمريكي للشركة الواحدة.
نصائح للشباب المهاجرين
“من المبكر الظن بأن أفكارنا ستحقق نجاحاً وتغيّر العالم قبل إجراء ما يكفي من البحث والتقصي للتأكد من أن الفكرة الوليدة مبتكرة وهناك من يحتاجها، ولم يسبق اختراعها أو إنتاجها سابقاً. فقد يكون من السهل توليد الأفكار ولكن تحويلها إلى واقع هو التحدي والإنجاز الأكبر” هذا ما يقوله د. مأمون ناصحاً كل شخص يملك فكرة إبداعية أو يرغب ببدء مشروع جديد. وكذلك يقدم نصيحة أخرى تتعلق باختيار فريق العمل المناسب القادر على تحويل الفكرة إلى واقع والبحث عن أشخاص مرشدين (mentors) قادرين على تقديم النصائح والتوجيهات، إضافة لأهمية إيجاد مصادر دعم وتمويل كافية لأن أي اختراع أو فكرة جديدة لا يمكن بلورته دون الدعم المادي اللازم. وختاماً يختار د. مأمون طاهر أن يحث الشباب على الابتعاد عن السلبية والنمطية والتفكير بطريقة غير اعتيادية والاستفادة من الأدوات المتاحة في المجتمع وتجارب الآخرين. فوجود التحديات والفشل في المحاولات هو أمر طبيعي فكل قصة نجاح من وجهة نظره تخفي خلفها الكثير من التحديات والمحاولات غير الموفقة، “فلا بد من الإيقان حقيقة أن عدم النجاح هو جزء فعلي من النجاح”.