اكتشف المهندسون أن جسر لندن كان على وشك السقوط فعليًا في أوائل القرن
العشرين ، وكان قد مضى على بناء الجسر الحجري أكثر من قرن من الزمان ، وكان
من أكثر المناطق ازدحامًا في لندن حيث كان يقوم بعبوره حوالي 8000 من
المشاة و 900 سيارة كل ساعة ، ووجد الخبراء أن الجسر كان يغرق ببطء – حوالي
ثلث سنتيمتر كل عام ، وعندما تم أخذ القياسات في عام 1924 ، وجدوا أن الجانب
الشرقي للجسر يقل ارتفاعه حوالي 9 سم عن الجانب الغربي ، ومرت أربعة عقود
أخرى قبل أن يتمكن مجلس المدينة من التوصل إلى قرار .
كيف تم بيع الجسر ؟
اقترح عضو المجلس إيفان لوكين محاولة بيع الجسر بدلاً من هدمه ، وقد قوبل
اقتراحه بالتشكيك ، ولكن بعد بعض المداولات ، وافق المجلس على بيعه
للاستفادة من المال ، وعرضوا الجسر للبيع في عام 1967 .
وفي الأشهر التالية ، جاء العديد من الاستفسارات إلى المجلس حول الجسر ، ولكن
لم تكن هناك عروض قاطعة ، وفي 28 مارس 1968 تطوع السيد لوكين للذهاب
إلى أمريكا من أجل بيع الجسر ، وفي مؤتمر صحفي في غرفة التجارة البريطانية
الأمريكية في نيويورك ؛ سأله أحد الصحفيين عما يتميز به الجسر ، فأجاب لوكين
أن جسر لندن ليس مجرد جسر ، فهو إرث يعود لألفي سنة من التاريخ منذ القرن
الأول الميلادي ، منذ أن كانت لوندينيوم مدينة رومانية .
بعد ذلك بوقت قصير ، وقع روبرت مكولوتش ، وهو رجل أعمال من ميسوري وصاحب شركة نفط مكولوتش ، عقد البيع بمبلغ 2.46 مليون دولار ، وقبل بضعة أعوام ، حصل مكولوتش من الحكومة على آلاف الأفدنة من الأراضي بالقرب من بحيرة هافاسو بولاية أريزونا – وهي مسطح مائي كبير تم إنشاؤها بعد بناء سد على نهر كولورادو – بشرط أن يقوم مكولوتش بتطوير المنطقة ، فأسس مجتمع مدينة ليك هافاسو في الموقع ، لكنه واجه مشكلة في جلب مشتريين للأراضي ، وعندما أخبره شريكه في العمل سي في وود عن “جسر لندن ” ، توصل الاثنان إلى أن الجسر هو بالضبط ما تحتاجه بحيرة هافاسو لتصبح منتجع ووجهة سياحية جذابة .
كيف نُقل الجسر إلى أمريكا ؟
تم تفكيك الجسر – الذي يبلغ طوله 950 قدما ووزنه 33 ألف طن – بعناية كل حجر على حدة ، وشحنت الأحجار عبر قناة بنما إلى لونج بيتش في كاليفورنيا ، ثم تم نقل أحجار الجرانيت لمسافة 300 ميل حتى وجهتها ، وكلف شحنها فقط مكولوتش 7 ملايين دولار .
ثم بدأت عملية معقدة لإعادة تجميع الهيكل ، ولحسن الحظ تم تخطيط كل شيء بدقة ، فقبل التفكيك قام العمال بترقيم كل حجر ، واستغرقت عملية إعادة البناء 3 سنوات ، وقد تضررت بالطبع بعض الأحجار وكان لابد من استبدالها بالجرانيت المحلي ، وتم تغطية الأحجار الحديثة بالغبار من مواقد الكيروسين لإعطائها مظهر أثري
ولضمان قدرة الجسر على التعامل مع حركة المرور الحديثة ، تم بناء هيكل أجوف من الخرسان المسلح وتم وضع كتل الجرانيت القديمة عليه ، ونظراً لعدم وجود نهر في مدينة ليك هافاسو ، تم بناء الجسر فوق الأراضي الجافة ، ولكن مع اقتراب المشروع من الانتهاء ، تم شق قناة طولها ميل تحت الجسر وملئت بمياه بحيرة هافاسو .
الاحتفال بافتتاح الجسر في أمريكا
افتتح جسر لندن رسمياً في 10 أكتوبر 1971 مع احتفالات كبيرة ؛ من ألعاب نارية ، ومواكب ، وأنشطة ترفيهية ، وإطلاق بالونات وحمائم بيضاء ، كما حضر الاحتفال كبار الشخصيات مثل عمدة لندن ، ونجحت مخاطرة مكولوتش في تحقيق ربح ، وارتفعت مبيعات الأراضي في مدينة ليك هافاسو ، وازداد عدد السكان من بضع مئات في الستينات إلى 10000 بحلول عام 1974 ، وفي تلك السنة جذب الجسر ما يقرب من مليوني زائر إلى المدينة الجديدة ، واليوم تضم مدينة ليك هافاسو 52000 نسمة ، ويعد الجسر بالنسبة لهم جزء من الحياة اليومية ، حيث يوفر الطريق الوحيد من وإلى المرسى .