كيف نجحت النرويج في التخلص من “المناطق البيضاء” وفشلت السويد؟
أخبارالسويد
كيف نجحت النرويج في التخلص من “المناطق البيضاء” وفشلت السويد؟
منصّة «أكتر» السويد
رغم حقيقة أنّ الدولة السويدية قدمت منحاً تصل إلى 100% من تكاليف الاستثمار في بناء محطات شحن سريع للسيارات الكهربائية في المناطق النائية وذات الكثافة السكانية المنخفضة (المناطق البيضاء)، فشلت ولم يتقدم أحد للبناء.
بينما في أقصى شمال النرويج، بعد أن عانوا من المشكلة ذاتها، تمكنوا من تحقيق نتيجة مختلفة، ونجحوا في إنشاء المحطات. فما سبب نجاح النرويجيين وفشل السويد في ذلك؟
ثلاث أعوام من الإخفاق
على مدى ثلاثة أعوام، خصصت الحكومة السويدية 150 مليون كرون لتغطية ما يطلق على تسميته «مناطق الطريق البيضاء»، وهي المناطق النائية وذات الكثافة السكانية المنخفضة التي لا يوجد فيها محطات شحن سريع للسيارات الكهربائية. تمّ تحديد 82 موقع (أبيض) في الفترة ما بين ربيع 2020 وخريف 2021.
عرضت الحكومة تقديم دعم لتغطية تكاليف إنشاء محطات الشحن في 18 من هذه المواقع في شمال السويد، ولكن لم يتقدم أحد. وفي 5 مواقع أخرى في الشمال أيضاً، لم يلبي المتقدمون المعايير التي وضعتها الحكومة.
عند محاولة فهم سبب هذا الإخفاق، ذهبت أغلب الآراء إلى أنّ هذه المحطات لن تكون مربحة، وبأنّ الدعم الاستثماري لن يغيّر هذه الحقيقة على المدى الطويل. خاصة أنّ هناك شرطاً يتعهد المشغل من خلاله بتشغيل المحطة لخمسة أعوام على الأقل.
وفقاً لرئيس قسم النقل الكهربائي في شركة E.on للطاقة، بار مولر Pär Möller، فالنفقات التشغيلية – مثل رسوم شبكة الكهرباء والصيانة – مرتفعة جداً. وهذه التكاليف تزيد مع مرور الوقت لتتخطى تكاليف الاستثمار الأولي.
التجربة النرويجية
كانت النرويج قد بدأت قبل السويد في العمل في اتجاه نشر محطات الشحن السريع للسيارات الكهربائية، حيث أعلنت عن دعم حكومي لإنشاء محطات الطاقة منذ 2015.
كانت النتيجة عموماً مُرضية، حيث أمنت شبكة شحن كهربائي سريع أساسية بالحد الأدنى المطلوب، وكانت زهيدة الثمن أيضاً. يعود ذلك إلى أنّ شركة Enova – المملوكة للدولة النرويجية هي المسؤولة عن تأمين الدعم للتوسع في شبكات الشحن السريع في النرويج – تنفق سنوياً قرابة 2 مليار كرونة نرويجية نيابة عن الدولة لتحفيز إنشاء واستخدام تكنولوجيا صديقة للمناخ.
لكن لم تغطي الشبكة النرويجية جميع المناطق، ففي فينمارك في أقصى شمال النرويج، لم يتقدم أحد لإنشاء محطة شحن، وفشل التوسع.
وكان التبرير هو ذاته تبرير الإخفاق في السويد: محطات الشحن ستكون صفقة خاسرة للمشغلين، ولن ينفع دعم الإنشاء بتحويل الأعمال إلى رابحة.
قامت Enova بالإعلان عن ثلاثة عروض مع دعم استثماري بقيمة 100%، لكنّها لم تتلقى ولا طلباً واحداً حتّى.
رغم حقيقة أنّ هناك الكثير من السيارات الكهربائية في بلديات فينمارك، فالكثير من المناطق في شمالي النرويج بقيت دون محطات شحن (مناطق بيضاء نرويجية).
ثمّ ما بين 2020 و2021، تمّ توسيع الشبكة في المنطقة مع إنشاء 25 محطة شحن سريع تصل استطاعتها إلى 175 كيلوواط.
شركات بلا ربح!
يقول بير-إيريك رامستا Per-Erik Ramstad، المدير التنفيذي لشركة Alta Krflag المملوكة لبلدية ألتا في فينمارك، أنّ سبب النجاح هو التعاون بين مجموعة من شركات الشبكات الكهربائية المختلفة (سبع شركات).
يقول إيريك أنّ التعاون بين هذه الشركات، والبلديات، والشركة الحكومية Enova قد حقق ذلك. كان العاملان الحاسمان: النموذج الحكومي الجديد لتكاليف رسوم الكهرباء، وتكاليف الصيانة الأقل.
يرتكز النموذج النرويجي والسويدي المعتاد لرسوم الطاقة على الاستهلاك الأعلى للطاقة. عنى هذا أنّ على المشغلين أن يدفعوا مقابل ذروة الاستهلاك، في الوقت الذي لا يكون لديهم فيه زبائن يغطون هذه المدفوعات. بينما راعى النموذج الجديد الذي تمّ الاتفاق الاستهلاك الفعلي للطاقة، فحلّت المسألة.
أمّا بخصوص تكاليف الصيانة، فتبعاً لأنّ الشركات المتعاونة لها وجود فعلي في شمال النرويج، كانت تكاليف الصيانة للمحطات مقبولة، حيث لن يكون على الشركات المشغلة إرسال فنيين من مناطق بعيدة لإجراء الصيانة للمحطات.
من الأمور شديدة الأهمية أنّ الشركات المشغلة لمحطات الشحن لا تجني الأرباح من تشغيل هذه المحطات، لكنّها أيضاً لا تتسبب بخسائر لهم. الهدف الأكبر من هذه المساهمة كان دعم القضايا الاجتماعية، خاصة أنّ أربعاً من هذه الشركات السبع مملوكة لعملائها، والبقية مملوكة للبلديات.
كيف للسويد أن تنجح؟
يمكن لما قاله بير-إيريك أن ينفع كشعار لإرشاد السويد إلى النجاح بمهمتها: إن لم تقم الشركات المملوكة للبلديات والعملاء والدولة بالتعاون لإنجاح الأمر، لن يقوم به أحد».
كان هؤلاء في النرويج يريدون للناس أن تقود سياراتها الكهربائية، وأن يأتي السياح إلى المنطقة كذلك باستخدام السيارات الكهربائية.
كان للشركات العامة وشبه العامة التي تعاونت في المشروع تاريخ مشرّف في التعاون في مشاريع مشابهة، فقد تعاونت من قبل لتوسيع شبكة الفايبر، ومحطات الكهرباء باستخدام المياه، ومحطات طاقة الرياح.
عندما سؤال بير-إيريك عن رأيه في قدرة نجاح السويد على إنجاح الأمر في المناطق ذات الكثافة المنخفضة سكانياً كانت إجابته:
«أعتقد ذلك. هناك في السويد شركات طاقة صغيرة مملوكة للبلديات غالباً. وإن عملت بعض هذه الشركات مع بعضها البعض، فسينجحون الأمر».
إن أراد السويديون إنجاح الأمر، فعليهم الاعتماد على لاعبين لا يريدون تحقيق الأرباح.