أخبارالسويد

أزمة مكتب العمل السويدي وخصخصة خدمات التوظيف

أخبارالسويد

أزمة مكتب العمل السويدي وخصخصة خدمات التوظيف

منصّة «أكتر» السويد

شهد العام الماضي أحاديث كثيرة حول فاعلية وجدوى سلطة ومجال عمل مكتب العمل السويدي Arbetsförmedlingen وبرامجه المتنوعة بشكل عام، وكان آخرها ربّما إعلان المكتب رغبته بتغيير اسمه إلى «هيئة سوق العمل Arbetsmarknadsmyndigheten»، وإعلان اهتمامهم بالرقمنة والأتمتة والذكاء الاصطناعي.

لا يبدو أنّ هذا يعجب لا العمّال ولا الباحثين عن عمل، ولا أصحاب العمل أيضاً، فما الذي يحصل مع مكتب العمل فيما يخصّ خصخصة «جهود وساطة التوظيف förmedlingsinsatser = عملية وصل أصحاب العمل بالذين سجلوا نفسهم كساعين لعمل، وتنظيم اجتماعات بينهما، وتدريب وإرشاد الباحثين عن العمل ليلبوا احتياجات أصحاب العمل»؟

FotoSimon Rehnström/SvD/TT
مكتب العمل السويدي

ماذا تعني هيئة سوق العمل؟

في ردّ مكتب العمل على مذكرة وزارة العمل والمساواة، أكد المكتب أنّ الهيئة ستخصص جهد وموارد أقل فأقل للتعيين الفعلي في الوظائف، وستكون عوضاً عن ذلك مركزاً يجمع الجهات الفاعلة التي ستنفذ سياسات سوق العمل، ولهذا تقترح تغيير اسمها إلى هيئة سوق العمل.

وكما ورد في الرد على المذكرة، سيكون على خدمة التوظيف تكريس المزيد من الجهد والوقت للسيطرة على الجهات الفاعلة وأرباب العمل والباحثين عن عمل، ولتصميم الخدمات وتقديمها.

يرى كثيرون بأنّ هذه الاقتراحات والتحركات لها سبب واحد: التخبّط وفقدان البوصلة، سواء من قبل الحكومة أو من قبل المكتب أو من قبل الجهات السياسية التي دفعت ناحية التغييرات.

FotoAmir Nabizadeh/TT
وزيرة العمل ايفا نوردمارك

خلفيّة الأمر

في بداية 2021 اتفق ستيفان لوفين مع حزب الوسط والحزب الليبرالي على إجراء «إصلاح في قانون حماية العمالة»، وكان من الأمور البارزة التي أثرت على صلاحيات عمل مكتب العمل، أنّه بعد تطبيق الإصلاحات «سيوقف التوسط في العمل».

قسّمت هذه المسألة النقابات، وكذلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكان تبرير لوفين للاتفاقية هو أنّه منع بذلك تشكّل حكومة يمينية.

وحتّى حزب الوسط الذي دفع ناحية هذا التغيير ليس لديه توافق داخلي عليه، فقد أبقي على حضور المكتب على مستوى البلديات، وغالباً يعود السبب في ذلك إلى غضب السياسيين المحليين المنتمين لحزب الوسط – وهم غير المفرطين في الليبرالية – ممّا فعله زملائهم في ستوكهولم.

المشكلة هنا هي أنّه حتّى مكتب العمل – الذي يريد تغيير اسمه – لا يعلم حقيقة ما الذي سيفعله الآن لمساعدة الباحثين عن عمل، ولا يعلمون ما تعنيه: «جهود وساطة التوظيف» الخاصة.

رئيس الوزراء السابق ستيفان لوفين مع رئيسة حزب الوسط أني لووف
Photo TT

المستفيد

لطالما كانت خصخصة مكتب العمل من الأولويات السياسية للفرع الأكثر ليبرالية في حزب الوسط، والشركات الخاصة وممثليهم من السياسيين الذين يريدون تحرير سوق العمالة من تشريعات تمنع خصخصته الكاملة. وقد سجل هؤلاء نجاحاً في هذا الجزء.

المشكلة هنا أنّ هذه الخطوة لن تساعد الشركات في إيجاد موظفين مناسبين لهم، بالوقت ذاته الذي لا تساعد فيه على حل مخاوف العاطلين عن العمل منذ فترة طويلة، والذين يفتقرون إلى المهارات الأساسية للبقاء في سوق العمل.

يمكننا أن نفهم وقوف العمال ضدّ عمليات التغيير هذه، لكن حتّى القطاع الخاص ليس معجباً بدوره بما حدث.

كمثال، يقول غينثه موردر Günther Mårder، المدير التنفيذي لأكبر منظمة للأعمال في السويد «Företagarna»، بأنّ رجال الأعمال سعيدون بأن يكون للقطاع الخاص القدرة على المساهمة أكثر في بأعمال التوظيف – خاصة أن الثقة بالمكتب منخفضة بالفعل – وأنّ رجال الأعمال سعيدون بالأدلة على تفهّم الحكومة لما يلائم احتياجاتهم.

 غينثه موردر Günther Mårder، المدير التنفيذي لأكبر منظمة للأعمال في السويد «Företagarna»

لكنّ موردر كان واضحاً بأنّ عدم الوضوح، وترك المكتب الذي يعاني من أزمة، يبتكر أهدافه وخطط عمله بنفسه، لن يؤدي إلى تعافي سوق العمل.

الحقيقة القائمة اليوم في السويد هي أنّ الشركات لا تثق كثيراً في مكتب العمل، فاثنان من كلّ ثلاثة روّاد أعمال في السويد لا يثقون بعمله. وفقط 11% من الشركات تقول بأنّها ستستعين بالمكتب لإيجاد عامل عند عرضها فرصة توظيف.

ماذا بعد؟

يبلغ عدد العاطلين عن العمل اليوم في السويد 400 ألف شخص، أو كما يميل البعض للسخرية: ما يكفي لملء ملعب «Globen – Avicii Arena» للهوكي في ستوكهولم 25 مرّة.

من الواضح أنّ المكتب – بميزانيته التي تزيد عن 70 مليار كرون وبموظفيه البالغين أكثر من 10 آلاف موظف – لم يتمكن من حلّ مشاكل سوق العمل (خاصة في الفوضى التي أعقبت الوباء). كما يتهمه البعض بعدم القدرة حتّى على استخدام استراتيجيات فاعلة للتأكد من وجود مدربين مؤهلين أو تلقي التدريب في أماكن مناسبة.

في تعليق المكتب على «الإصلاح» الحكومي، ذكر بأنّه سيبقى سلطة كبيرة وهامة. وبأنّ خصخصة جزء من عمله – رغم تصريح مسؤولي المكتب بأنّهم لا يعلمون ما تعنيه الوساطة الخاصة بعد – لن يعيقه عن الاضطلاع بأعمال أخرى.

كان تصريح أورسولا بيري، رئيسة السياسات الاجتماعية في مكتب العمل هاماً: «لا تذكر المذكرة الحكومية ما إذا كانت جهود الوساطة الجديدة التي سيتم تقديمها ستنظم كبرنامج لسياسة سوق العمل في لائحة أم لا. يمكن أن يكون لذلك عواقب على حق الفرد في التعويض أو الحماية من نواحٍ أخرى».

كما أنّ التعديلات التي يقترحها مكتب العمل ستكون مكلفة لضمان حضور المكتب محلياً، والتعاون وإمدادات السوق الكافية والبنية التحتية الرقمية. ولكن كما حذرت المديرة العامة ماريا ماندهامر، فالكثير من العاطلين عن العمل لن يتلقوا مساهمات فاعلة إن خفضت الحكومة ما يسمى بالاعتمادات الإدارية، والتي تذهب من بين أمور أخرى إلى رواتب الموظفين الذين يهندسون هذه المساهمات.

المشكلة أنّه لا يوجد أحد – ولا حتى منظمات الأعمال ولا حتّى وزارة العمل – قادر على تزويدنا بدليل على أنّ الشركات كانت لتقوم بعمل أفضل من مكتب العمل. وباستثناء الليبراليين الذين يدفعون نحو الخصخصة، لا أحد يرى بأنّ خصخصة المكتب ستؤدي عملاً أفضل. بل لقد حذّر البعض من تكرار أخطاء قاتلة مثل مؤسسات تدريب الطيارين التي مولت الإرهاب.

المشكلة موجودة، وتحتاج إلى حل بالتأكيد. لكن لا الخصخصة ستحلّها – ولا ترك الأمور على حالها أيضاً.

المصدر

تابعونا على موقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى