لماذا يقف حزب اليسار ضدّ الخصخصة؟
أخبارالسويد
لماذا يقف حزب اليسار ضدّ الخصخصة؟
منصّة «أكتر» أخبار السويد
عند متابعة خطابات ومبادئ ومواقف حزب اليسار، نرى بأنّه يقف ضدّ الخصخصة. إن لم يكن كلياً، فجزئياً بالتأكيد. فلماذا يقف حزب اليسار ضدّ الخصخصة؟
يمكننا تلخيص إجابة حزب اليسار في 6 نقاط هي:
أولاً: لأنّ الخصخصة عززت اليمين المتطرف
منذ التسعينيات، والدولة السويدية تسير بشكل متزايد ناحية الخصخصة، بدفع حكومي متتالي لتسليم خدمات دولة الرفاه، والتقاعد، والتعليم، إلى القطاع الخاص. إنّ ما تمكن الاشتراكيون الديمقراطيون من بنائه لصالح عامة الشعب على مدى خمسين عام، يتنازلون بأنفسهم عنه بشكل يثير الغضب، ما يضعف الدولة وخدماتها بشكل متزايد، ويدفع الناس للابتعاد عن تأييدهم.
يتوجه جزء كبير من الغاضبين من سياسات الاشتراكيين الديمقراطيين إلى اليمين المتطرف، بينما يؤيد الجزء الآخر حزب اليسار آملين أن يوقف انهيار الخدمات العامة ويحافظ على دولة الرفاه، ولهذا على حزب اليسار أن يكون موجوداً لتمثيلهم وإبعادهم عن التطرف.
يرى حزب اليسار بأنّ عليه الدفاع عن المجتمع السويدي الذي بني على حركات اجتماعية عامّة قوية جداً: مثالها الحركة النقابية، ونقابات المستأجرين، والحركة النسائية. وبأنّ اليمين اليوم يهاجم أعمدة أساس المجتمع السويدي، من أجل تعزيز مصالح الأثرياء والشركات والقطاع الخاص على حساب الشعب.
ويرى حزب اليسار بأنّ الاشتراكيين الديمقراطيين تعاونوا مع اليمين لتفكيك أنظمة الرفاه لصالح إثراء القطاع الخاص. وبأنّ جزءاً هاماً من مهمة حزب اليسار هو تعزيز الدولة التي تعيد بناء شبكات الأمان الاجتماعي مع تحقيق النمو لصالح الجميع.
وكما قال الزعيم السابق للحزب يوناس خوستت، اليمين المتطرف يحاول إيهام الجميع بأنّ لديه سياسة اقتصادية مختلفة عن الخصخصة التي أدّت لتهالك الدولة. لكنّه يريد تطبيق السياسات الاقتصادية ذاتها التي أدّت للمشكلة.
ثانياً: من أجل تفادي الفشل الاقتصادي
يرى حزب اليسار أنّ المدافعين عن الشركات يميلون لينسوا بأنّ نظام الرفاه السويدي القوي هو السبب في وجود شركات قوية تمكنت من النجاح عالمياً.
كمثال: إيكيا وفولفو تطورتا لأنّ نظام الرفاه الاجتماعي السويدي زودهما بعمّال وكوادر ممتازين، فقد كان يضمن الرعاية الصحية لهم، ويضمن حصول الجميع على تعليم متساوي جيد جداً، وسكناً يمكن تحمل تكلفته.
تقول رئيسة الحزب نوشي دادغوستار: لم تكن شركة إيكيا IKEA لتوجد لولا «برنامج المليون» الذي مكّن السويديين من شراء ذلك من النوع من الأثاث لمنازلهم. لطالما كان هناك اتصال وثيق بين تطور الاقتصاد السويدي ودولة الرفاه القوية.
الذين سوقوا للخصخصة قالوا بأنّها ستصلح الاقتصاد، لكنّها في الحقيقة أضعفت النمو، وخلقت فرص عمل أقل، ناهيك عن آثارها السيئة على دولة الرفاه.
ثالثاً: لتغيير بيئي حقيقي
يرى حزب اليسار بأنّه يجب التخلص من الوقود الأحفوري، ولكن الحل الوحيد للتخلص منه دون إضعاف الاقتصاد وتحميل الفقراء والعامة التكاليف، هي قيام الدولة بإنشاء البنى التحتية، وضمان التحول للطاقة المستدامة مع ضمان ألّا يعاني العامة من فقدان الأمان وارتفاع الأسعار.
إن لم تقم الدولة بذلك، فسنواجه إخفاق أي محاولة لتغيير المسار المدمر للكوكب، حيث سيكون ردّ فعل الناس تأييد الرجعيين الذين يريدون الاستمرار باستخدام الوقود الأحفوري وتدمير الكوكب.
رابعاً: لأنّ الجميع يمينيون واليسار مبدأ
يرى حزب اليسار بأنّ جميع الأحزاب التي تساند التغييرات «الإصلاحات» التي تريد تفكيك حق العامة في دولة الرفاه هي أحزاب يمينية بغض النظر عن تصنيفها لنفسها.
ووفقاً لمجلة الحزب، فاليمين يحاول تفكيك الحقوق المتأصلة في القانون، مثل حقوق التفاوض الجماعي، وحقوق التفاوض على الإيجارات التي تمّ تثبيتها قانونياً، وحقوق النساء في الحصول على ملاجئ مموّلة من الدولة.
كما يتحدثون عن أنّهم يتعاملون بمبدأية ومرونة في الوقت ذاته مع السياسة، حيث تسامحوا مع تشكيل لوفين للحكومة في بداية 2021 في محاولة تفادي وصول المحافظين إلى السلطة، وتحقيق بعض المكاسب السياسية لناخبيهم.
ولكن عندما وافق الاشتراكيون الديمقراطيون على مهاجمة التفاوض الجماعي على الإيجارات (تحرير الإيجارات)، قرروا سحب الثقة من الحكومة. وكما علّق آرون إيتزلر سكرتير حزب اليسار: مع أنّهم سمعونا نتحدث مراراً عن الأمر، فقد هزوا رؤوسهم وراهنوا على أننا سنتغاضى عن عرضهم الأسوأ وسنعلن الولاء الأبدي للاشتراكيين الديمقراطيين في البرلمان حتّى لو لم يحترمونا.
خامساً: لمنع تفكيك الرفاه الاجتماعي
تتحدث دادغوستار عن أنّ نظام الرفاه السويدي كان قوياً في الثمانينيات، فكان بالإمكان إيجاد شقّة غير باهظة الثمن بسهولة، وكان هناك سوق عمالة قوي ومن السهل الحصول على عمل.
وبأنّه منذ منتصف التسعينيات بدأت عملية تفكيك نظام الرفاه الاجتماعي، حين فُرضت جولات هائلة من التقشف العام، وبدأت الدولة تتراجع عن تمويل إنشاء منازل جديدة – الأمر الذي كان جزءاً هاماً من نظام الرفاه.
كما قدّمت الحكومة في ذلك الوقت نظاماً جديداً للمعاشات التقاعدية، وهو برأي حزب اليسار أحد أسوأ الأنظمة في العالم الغربي.
خصخصة التعليم مثال آخر على فشل الخصخصة، فالسويد أكثر من أيّ دولة أخرى في العالم سمحت للشركات الخاصة بإدارة التعليم. ومنذ بدء العملية في منتصف التسعينيات، تخلفت السويد بشكل كبير في مجال التعليم بالمقارنة مع مدارس الدول المشابهة.
سادساً: للتحضّر للأزمات
يرى حزب اليسار أنّ الخصخصة التي بدأت من التسعينيات تركت السويد دون قدرة على التحضر الجيد للتعامل مع الأزمات، وآخرها وباء كوفيد. وأحد الأمثلة على ذلك عدم مرونة تنظيم إجازات المرض، حيث كان يجبر الناس على الذهاب إلى العمل حتّى لو كانوا مرضى.
تقول دادغوستار بأنّ «نظام التدفق من أعلى = والذي يعني أنّه في حال زادت ثروة الأثرياء والشركات، فستنزل الثروة من أعلى لتصل للشعب» أثبت فشله في السويد وحول العالم. وأنّ أزمة كوفيد أظهرت مدى فشل هذا النموذج، وساعدت على إعادة طرح النقاش العام بخصوصه، وهنا يأتي دور حزب اليسار ليعزز هذا الشكل من النقاش.
يسوق الحزب مثال آخر: انتشار العقود المؤقتة أو العقود-الصفرية التي لا تلزم صاحب العمل بتحديد ساعات عمل، والتي أجبرت الناس على العمل في أكثر من مكان عمل في الوقت ذاته، ما جعل من الصعب احتواء الفيروس.