ما هي أشباه الموصلات التي عطّلت صناعات سويدية وعالمية؟
أخبارالسويد
ما هي أشباه الموصلات التي عطّلت صناعات سويدية وعالمية؟
تضررت العديد من القطاعات الصناعية والتكنولوجية عالمياً والسويد من بينها خلال العام الماضي بشكل حاد إثر النقص الكبير بإنتاج وتوريد رقاقات أشباه الموصلات semiconductors، والتي تدخل – تقريباً – بكافة الأجهزة الالكترونية والتكنولوجية بدءاً من الحواسيب وصولاً إلى السيارات مروراً بالهواتف المحمولة والبرادات والغسالات والمكيفات والخ… مما أدى لإيقاف إنتاج بعض المصانع والشركات لبضائعها ريثما تتوفر هذه الرقاقات… فما هي، وأين تتصنع، وما سبب الأزمة الجارية؟
أشباه الموصلات
تجمع أشباه الموصلات بين وظيفتين اثنتين: الموصل الكهربائي (النحاس مثالاً) والعازل الكهربائي (الزجاج مثالاً)، وتنخفض مقاومتها مع ارتفاع درجة حرارتها وبالعكس، وبإمكانها القيام بخصائص محددة بحسب تصنيعها، كأن تُمرر الشحنة الكهربائية باتجاهٍ واحد دون آخر، أو إبراز مقاومة متغيرة عوضاً عن الثابتة، أو أن تكون حساسة للضوء، وتتغير خصائص هذه الرقاقات بحسب الشوائب الأخرى الداخلة في تركيبتها، والتي يكون بعضاً منها السيليكون والجرمانيوم والغاليوم، ويعتبر الغاليوم ثاني أكثر أشباه الموصلات شيوعاً من بعد السيليكون.
نظراً لنوعيتها وخصائصها، تدخل هذه الرقاقات في صناعة كافة الأجهزة الإلكترونية بالعالم المعاصر بشكل أساسي وضروري، ويعد السيليكون عنصر حاسم لتصنيعها، وتحديداً في شرائح المعالجات والذواكر.
أين تتصنع؟
تعد تايوان وكوريا الجنوبية المسؤولتين عن تصنيع 83% من مجمل شرائح المعالجات / Processor Chips التي تتضمن أشباه الموصلات، و70% من شرائح الذاكرة / Memory Chips عالمياً.
ومن بينهما، تهيمن تايوان على سوق التصنيع، خاصة شركة Taiwan Semiconductor Manufacturing Co، اختصاراً (TSMC) التي تلقت 54% من مجمل إيرادات التصنيع عالمياً خلال العام الماضي.
ما هو نقص التوريد وما سببه؟
تقول شركة الاستثمار الاقتصادي TS Lombard أن “أشباه الموصلات تتحرك نحو الأمام لتسبق النفط وتصبح البضاعة الأساسية للنمو في العالم”.
انخفضت مبيعات أشباه الموصلات في جميع أنحاء العالم بين عامي 2018 و2019 لتنمو مجدداً بنسبة 6.5% خلال عام 2020 وفقاً لرابطة صناعة أشباه الموصلات، واستمر النمو بشكل سريع حتى عام 2021، وكانت مبيعات الربع الثالث من عام 2021 أعلى بنسبة 27% من نفس الفترة من العام الماضي، وقالت الرابطة أنه تم شحن الكثير من رقاقات أشباه الموصلات خلال هذا الربع بالمقارنة مع أي ربع آخر في تاريخ السوق.
خلال جائحة كورونا عالمياً، تضرر سوق هذه الشرائح وتعرضت سلاسل التصنيع والتوريد لعدة إشكاليات تسببت باضطراب عالمي رغم المبيعات العالية لها، ونذكر مثالاً: حينما انخفض الطلب الإجمالي من المستهلكين على السيارات خلال فترة الإغلاقات، أجبر هذا الأمر على مصنّعي الرقاقات تحويل تركيز إنتاجهم إلى رقاقات مختصة بمجالات أخرى كأجهزة الكومبيوتر والهواتف المحمولة حيث زاد عليها الطلب مع زيادة عدد الأشخاص العاملين عن بعد.
ومع نمو تصنيع وتنصيب شبكات اتصال الجيل الخامس 5G بالتوازي مع الإغلاقات، زادت الحاجة والطلب لمزيدٍ من الشرائح التي تخص منصات الاتصال والفيديو كـ Zoom مثالاً.
ويكمن جزء من المشكلة أن عوائد الاستثمار بالنسبة للمنتجين ليست كافية لبناء خطوط إنتاج جديدة مع ازدياد الطلب، والتي تكلف مليارات الدولارات وتستغرق سنوات لتلبية طلب شركات صناعة السيارات وفقاً لمجموعة الشرائح IDC.
وأدى هذا الأمر إلى تضرر العديد من الشركات والمعامل، ففي السويد مثلاً جرى نقص كبير في إنتاج غسالات الصحون وازدياد الطلب على الغسالات المستعملة إثر نقص توريد شرائح أشباه الموصلات، وأعلنت شركة سكانيا السويدية الكبيرة توقيف إنتاجها مؤقتاً.
متى ستنتهي هذه الأزمة؟
لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال بشكل حاسم، إلا أن بعض المختصين والمحللين كشركة Gatrner تتنبأ بأن الأزمة ستمتد حتى عام 2022، بينما قالت شركة Forrester أنها تتوقع أن يستمر النقص حتى عام 2023.
من جهة أخرى أوضحت مؤسسة المهندسين الكهربائيين والإلكترونيين الأمريكية IEEE أن الإمداد سينمو، وستزيد أكثر من 40 شركة طاقتها بأكثر من 750 ألف رقاقة شهرياً حتى نهاية عام 2022، وقالت شركة Intel بأنها ستنفق 20 مليار دولار لبناء خطّي إنتاج جدد في ولاية أريزونا، وتخطط TSMC لإنفاق 28 مليار دولار لبناء مصانع جديدة وإنتاج الشرائح… بالإضافة إلى إعلان شركات مثل Texas Instruments وSamsung بزيادة إنتاجها.
لكن وعلى أية حال، من الناحية العملية، لن تؤدي زيادة إنتاج الشركات الأمريكية أو الأوروبية ضمن هذه النسب بحل مشكلة الإنتاج والتوريد هذه.
من جهة أخرى، وبالنظر إلى مقارنة TS Leopard ما بين النفط وأشباه الموصلات، فإن الجانب السياسي الدولي يشكل جزءاً جذرياً ومحركاً لطبيعة تطور هذا النقص وحله، وتحديداً ما بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين بوصفهم أكبر المنتجين للصناعات الثقيلة والتكنولوجيا المتطورة والفائقة، ويعد الصراع السياسي الجاري حول تايوان والتحذيرات بحدوث نوع من صدام عسكري ما فيها تعبيراً عن حدّة الأزمة الجارية.