السرطان قد يقتل فتاة في السويد قبل أن يصل دورها للعلاج
السرطان قد يقتل فتاة في السويد
لا أريد الموت
كانت تشعر هيرا غوستافسون، وهي حامل بطفلها الخامس، بآلام غير اعتيادية في صدرها. بعد الولادة خضعت للتصوير الشعاعي ليتبيّن بأنّ كامل الهيكل الفقاري في جسدها يجتاحه ورم غير محدد إن خبيث أم حميد.
تقول هيرا بأنّ آلامها لا تحتمل، وبأنّ هناك خطر قائم أن يؤدي الورم إلى ضغوط على عظامها فتحدث كسوراً في عمودها الفقاري. وبأنّها معرضة للشلل في أثناء ذلك.
بعد مضي ثلاثة أشهر على تشخيصها، توقعت أن تسمع أيّ خبر عن علاجها أو عن الخطوات التالية، لكن لا شيء. كانت تظنّ بأنّ هناك طبيب سيجلس معها، لكن لم يحصل ذلك.
ما من أحد
قالت هيرا بأنّ أحداً لم يتواصل معها، وبأنّها اضطرت إلى البحث عن الأمر في الإنترنت لتعلم ما يعنيه هذا الورم كي تقوم بالاتصال بالجهات المختصة. لم يمنحها أحد الخيار لتتحوّل إلى مريضة تتلقى الرعاية، وكان عليها أن ترعى نفسها.
كان عليها أن تخضع لصورة شعاعية أخرى، فظهر بأنّ الورم قد تطوّر ونما أكثر.
استنتج الأطباء بأنّ عليهم أن يزيلوا الورم ليتمكنوا من تحديد فيما إن كان الورم حميداً أم خبيثاً، ولهذا فعليها أن تخضع لجراحة… لكنّ الجراحة ستستغرق وقتاً.
ستنتظر ما بين عام إلى عامين
وصلت رسالة إلى هيرا يوم الثلاثاء الماضي من سلطاتSkåne تخبرها بأنّ عليها الانتظار لفترة ممتدة ما بين عام إلى عامين كي يفحص حالتها طبيب مختص بالعظام ضمن البلد. وحثتها الرسالة على التواصل مع وكالة الضمان الاجتماعي السويدي إن كانت ترغب برؤية طبيب في الخارج.
تدرك هيرا بأنّ نظام الرعاية الصحية قد تلقى ضربات بسبب انتشار الوباء، وهي تقول بأنّها لا تلوم عمّال الرعاية الصحية الذين يفعلون أقصى ما يستطيعون. لكنّها في الوقت ذاته ترى بأنّ من حقها – مثل جميع السويديين – أن تحظى بالرعاية الصحية التي تحتاجها.
هيرا قلقة من أنّ التأخير – في حال كان الورم الذي بداخلها ورماً خبيثاً، والذي يمكن علاجه في هذه اللحظات، أن يتطور أكثر ويصبح الوقت متأخراً لعلاجها.
تقول: لا أريد أن تنتهي حياتي وأنا في سنّ الثلاثين لأنّ نظام الرعاية الصحي السويدي مهشّم.
المقاطعة تأسف!
تقول السلطات في Skåne بأنّه من غير الاعتيادي انتظار أمثال هيرا كلّ هذه المدّة. لكنّ الصفوف الطويلة موجودة، وهم آسفون بشأنها، خاصة وأنّ المرضى يعانون أثناء فترات الانتظار المجبرين عليها.
وفقاً للمسؤولين فهم يعملون على زيادة قدرة الناس على رؤية الأطباء أكثر وتقليل وقت الانتظار. ويبررون سوء الوضع بالوباء الذي قاد لإضعاف الرعاية الصحية في مجالات كثيرة، وصعّب الأمر في مجالات كانت مزدحمة حتّى ما قبل الوباء.
تحاول السلطات العمل على أكثر من صعيد لتحسين الوضع وتقليل مدد انتظار المرضى. ربّما ينشؤون عيادات أكثر، ويتبعون مناهج جديدة في التنسيق بين المرضى.
لا خيار لديّ إلّا أن أكون قويّة
تعمل هيرا كطاهية، لكنّها غير قادرة في بعض الأحيان حتّى على إغلاق جلاية الصحون. يجعلها الألم غير قادرة على عيش حياتها بشكل طبيعي، وتمرّ بأوقات صعبة عندما تفكّر بالذي قد يحصل لها بعد فترة العامين التي يتوجب عليها الانتظار فيها.
تقول هيرا بأنّها تحاول أن تكون أماً قوية وسعيدة مع الأطفال، لكنّها لا تعلم إلى متى ستتمكن من تولي هذا الأمر. إنّها وحيدة في السويد، ولا تعلم كيف ستتولى أمر هذه المشكلة.
هل من مجيب؟
أكد المجلس الوطني للصحة والرفاه في السويد ما تقوله هيرا، لكنّه قال بأنّها ليست وحيدة في ذلك.
يقول سيفيم بارباسو، المحقق في المجلس، بأنّ تقاريرهم تظهر بأنّ الكثيرين يعانون من اضطرارهم للانتظار، وأنّ الأمر قد ساء بسبب الوباء.
بحسب المجلس فقد تدنى إجراء العمليات الجراحية بنسبة 22% خلال الموجة الأولى والثانية من الوباء، أي بين آذار 2020 وكانون الثاني 2021، وذلك بالمقارنة الفترة ذاتها في عامي 2019/2020.
يتأسف المجلس لما يحصل، ويعلم بأنّه يسبب المعاناة والقلق والجزع ويسيء لنوعية الحياة ويزيد تكاليفها ويعرضهم لأن تسوء حالتهم الصحية أكثر. وكما قال بارباسو، فهذا في النهاية سيؤذي صحة المرضى، وكذلك يؤثر على صحة أحبائهم وأقربائهم الذين يعانون بمعاناتهم.
ليست مشكلة جديدة
من أكثر مجالات الرعاية الطبية التي تعاني من النقص في السويد هي عمليات جراحة العظام، والتي تشمل جراحات سرطان العظام. لكن للأسف، هذا ليس بالأمر الجديد.
بدءاً من ستينيات القرن العشرين، كانت هذه المشكلة قائمة. وحتى مع تشريع قانون الضمان الصحي الوطني في 2010 الذي ضمن ألّا تتخطى مدّة انتظار المريض أكثر من 90 يوم بانتظار عملية جراحية، فالأمر لايزال قائم.
تقول هيرا بأنّ قلقها يتزايد، فهي بسنّ الثلاثين فقط وتريد أن تعمل، وتسافر، وتعيش حياتها بين أطفالها. لكن يبدو أن هيرا مجبرة على تحمّل تداعي نظام الرعاية الصحي السويدي.