بالتأكيد تحلم أن ترى ابنك يتحدث 4 لغات مختلفة ، ولكن متى يجب أن يعلمه هذه
اللغات ، هل بمجرد أن يتعلم الكلام ، أم يجب أن تنتظر حتى يتقن لغته الأم أولًا
دعونا نرى التصرف الصحيح .
يتفق جميع الباحثين على أنه كلما بدأ الطفل في تعلم لغة ثانية في وقت مبكر
كلما كان أفضل ، لعدة أسباب ، فبعض الباحثين يتفق أن اكتساب مهارات اللغة
الثانية يبلغ ذروته في السنة السادسة أو السابعة من عمر الطفل وربما قبل ذلك ،
ويدعى آخرون أن هذه الفترة تمتد حتى سن البلوغ ، ولكنهم جميعًا يتفقون على أن
تعلم لغة جديدة بعد سن البلوغ يكون أصعب .
وسوف نشرح هنا وجهات النظر المختلفة حول هذا الأمر !
لماذا أبدأ في الفترة بين سن 3 أو 4 أعوام ؟
في الماضي كان البعض يرى هذا الأمر غير ممكن فالأطفال في هذا السن لم
يتقنوا لغتهم الأم بعد ، أما الآن فتشير نتائج الأبحاث إلى أمر مختلف .
تؤكد الدراسات التي أجرتها جامعة هارفارد أن الإبداع ومهارات التفكير النقدي
ومرونة العقل تتعزز بشكل ملحوظ إذا تعلم الأطفال لغة ثانية في عمر أصغر ،
ويعتقد أن سنوات ما قبل المدرسة ولا سيما في السنوات الثلاث الأولى من الحياة ، هي فترة حيوية في حياة الطفل ، حيث يتم فيها وضع أسس التعلم والتفكير لدى الطفل .
وهذا يعني أن الطفل تكون لديه القدرة على التعلم والتي تتطور خلال العام الثالث أو الرابع من عمره ، ويشجع العلماء على استغلال هذه القدرة ، وتعليم الطفل لغة ثانية في تلك المرحلة لأنها ستكون عملية سهلة تمامًا مثل تعلم اللغة الأم .
وقد يبدو هذا الأمر عبئًا كبيرًا بالنسبة للوالدين والطفل ، ولكن في الحقيقة فإن الدماغ البشري شيئًا رائع ، فمنذ لحظة ولادتنا نتعلم من خلال ستة وسائل رئيسية وهي :
الرؤية
التذوق
الرائحة
الصوت
اللمس
الفعل
ويبنى كل شيء نتعلمه في حياتنا اللاحقة على المعلومات التي اكتسبناها في سنواتنا الأولى ، وقد أظهرت الأبحاث أن 50% من قدرتنا على التعلم نكتسبها في عمر 4 سنوات ، و30% أخرى نكتسبها في سن 8 سنوات ، وهذا هو السبب في تشجيع الطفل على تعلم لغة ثانية في الثالثة .
ومع ذلك هذا لا يعني أن 80% من معارف الإنسان وذكائه تتكون عند عمر 8 سنوات ، ولكن يعني أن مسارات التعلم الأساسية تتكون لدى الطفل في سنوات عمره المبكرة .
وهذا ليس كل شيء فالأطفال ثنائيو اللغة الذين يتعلمون في سن مبكر اللغتين يبدو عند التحدث أن كلا اللغتين هما لغتهم الأم ، وقد أظهرت دراسة أجراها مدير مختبر علم الأعصاب الإدراكي لتطوير اللغة والطفل في كلية دارتموث (هانوفر) أنه بعد سنوات المراهقة ، يتغير الدماغ ويجعل من الصعب للغاية أن يتعلم شخص بالغ لغة أجنبية ، بالطبع يمكنه أن يتعلم ولكن لن يفعلوا ذلك بنفس الطريقة التي يفعلها الطفل لأن آليات التعلم لديه قد تغيرت .
ماذا عن الأطفال في العائلات ثنائية اللغة
يمكن للطفل الذي ولد لأبوين يتحدثان لغتين مختلفتين أن يبدأ في تعلم كلا اللغتين منذ لحظة الولادة ، ولكن الأمر يعتمد على ظروف الأسرة ، على سبيل المثال إذا كان عائلة الطفل من ألمانيا وهاجرت إلى المملكة المتحدة فيجب أن يتعلم الطفل اللغة الإنجليزية في أقرب وقت ممكن للوصول إلى مستوى المتحدث الأصلي بالإنجليزية ، وبالتأكيد هذا لن يحدث بسرعة وسهولة ، لذلك لا يجب أن يضع الطفل توقعات عالية بالنسبة للطفل .
لماذا يتعلم الطفل اللغة الثانية في مرحلة المراهقة المبكرة (11-13 سنة) ؟
أظهرت دراسة أجريت على 17 ألف طفل بريطاني يتعلمون اللغة الفرنسية في المدرسة ، أن من تعلموا في سن 11 عام كانوا أفضل في نتائج اختبارات إتقان اللغة مقارنة بالأطفال الأصغر ، وحتى الآن فإن هذه الدراسة هي التي بنى عليها البعض الرأي الذي يرجح تعليم الطفل اللغة الثانية في سن المراهقة المبكرة .
وقد وجد أن اللذين يتعلمون اللغة في هذا السن يكون لديهم نطق شبيه بالمتحدثين الأصليين ، ولكن الأصغر سنًا قد يتحدثوا بلغة أجنبية متطابقة تمامًا مع المتحدثين الأصليين .
ويفضل البعض تعليم الأطفال للغة الأجنبية الثانية في سن المراهقة لأنه في تلك الفترة تزول بعض القيود المختبرية والمعرفية التي تكون موجودة لدى الصغار مما يجعلهم يتعلموا أسرع .
ماذا لو حلت اللغة الثانية محل اللغة الأم
إذا تم إجبار الطفل في سن مبكر على تعلم لغة ثانية قبل أن يتقن اللغة الأم ، فهناك احتمال أن تغطى اللغة الثانية على لغته الأصلية ، ووفقًا لبعض الأبحاث فإن الطفل الذي يتعلم لغتين في سن مبكر بشكل غير متقن يصبح ضعيف في كلا اللغتين ، لذلك يجب على الآباء الذين يدفعون أطفالهم لتعلم لغة أجنبية أن يكونوا حذرين ، وإذا لم يكن مطلوب من الطفل أن يتحدث اللغة الثانية مثل الناطقين الأصلين ، فسيكون تعليم الطفل للغة الثانية في مرحلة المراهقة مناسب .