في عام 2017، كان 1.8 مليون شخص في السويد يعيشون بمفردهم، وهو ما يمثل 39.2% من جميع الأسر (و17.8% من جميع السكان)، وهي نسبة لم تتغير إلا قليلاً منذ عام 1990.
من المغري استخدام هذه الحقيقة لدعم الصورة التي يؤمن بها الكثيرون حول السويد: بلد كبير وبارد حيث لا أحد يتحدث إلا قليلاً، ويتم الدفاع عن المساحة الشخصية بضراوة، حيث كثيراً ما تستخدم صرخة «أريد أن أكون وحيداً!» من شخصية غريتا غاربو Greta Garbo في فيلم Grand Hotel لتلخيص الحب السويدي للعزلة. ولكن لماذا الناس أكثر عرضة للعيش بمفردهم في السويد من أي مكان آخر أكثر تعقيداً من ذلك بكثير.
يميل السويديون إلى إيلاء قدر كبير من الأهمية على الاستقلال، والعيش بمفردهم جزء من ذلك. يقول أحد الأمثال السويدية ‘ensam är stark’ (بمفرده قوي).
يقول غونار أندرسون، أستاذ التركيبة السكانية في جامعة ستوكهولم، لصحيفة The Local: “في معظم الحالات، يكون العيش وحيداً مرحلة مؤقتة، وليس خياراً لنمط الحياة”.
وهناك مرحلتان رئيسيتان يصبح فيها العيش وحيداً شائعاً بشكل خاص: في مرحلة البلوغ المبكر (سن 19-30) حيث الانتقال من منزل الوالدين والانتقال للعيش مع شريك، والتقاعد (فوق سن 65 عاماً) عندما يصبح المتزوجون أرامل.
وتتكون الأسر التي يعيش فيها أشخاص بمفردهم من نحو 53% من النساء و 47% من الرجال، والنساء ممثلات تمثيلاً زائداً بين الفئات العمرية الأكبر سناً والرجال بين الأصغر سناً. ويتماشى ذلك مع الاتجاهات الديمغرافية التي ترى أن الرجال يتزوجون عادة في وقت متأخر قليلاً عن النساء، بينما تعيش النساء لفترة أطول وسطياً.
FotoKallestad, Gorm
واحدة من الأطروحات الأكثر شمولاً حول الفردية السويدية نشرت في عام 2006 من قبل لارس Trägårdh وبنغت بيرغرين. وتحت عنوان استفزازي ‘هل السويدي إنسان؟’ حيث استكشفوا النموذج السويدي الذي بنيت عليه دولة الرفاهية الحديثة. والفكرة الأساسية هي أن كل شخص ينبغي أن يكون قادراً على التحرر من الروابط مع أشخاص آخرين، على الصعيد المالي أو غير ذلك، بحيث لا يكون الوالدان على سبيل المثال ملزمين بإعالة الأطفال البالغين أو الأقارب المسنين، وتكون المرأة قادرة على ممارسة حياة ومهنة مستقلتين دون الحاجة إلى الزواج.
في أماكن أخرى من أوروبا، يتأخر أكثر فأكثر السن الذي يغادر فيه الشباب البالغون منزل الوالدين. وفي إيطاليا، يمكن للأغلبية أن تتوقع العيش مع والديهم حتى سن الثلاثين، حسبما أظهرت إحدى الدراسات في العام الماضي. وفي المملكة المتحدة، حيث تغادر الغالبية العظمى من طلاب الجامعات منازلهم أثناء دراستهم، هناك جيل مثقل بديون طلابية ضخمة، وغالباً يعودون إلى منازلهم أهاليهم على مضض بمجرد تخرجهم.
تشهد السويد الاتجاه ذاته، ولكن شبكة الأمان الاجتماعي في البلاد، ناهيك عن ارتفاع مستويات العمالة وارتفاع الأجور، تجعل من الممكن للشباب تحمل تكاليف الإيجار بمفردهم. ولا يزال من غير المألوف أن يعيش الأبناء الذين تزيد أعمارهم عن 25 سنة في منزل الوالدين أو الانتقال إلى شقة مشتركة مع أصدقائهم.
كما تساعد دولة الرعاية الاجتماعية الأسر ذات الشخص الواحد الذين يقعون خارج الفئتين الرئيسيتين، مثل أولئك الذين يجدون أنفسهم وحيدين بعد الطلاق أو الترمل، وفي بلدان أخرى قد لا يكون لديهم خيار سوى العودة إلى ديارهم أو العيش مع أصدقائهم مؤقتاً.
لذا فإن سياسة الحكومة لها تأثير على حجم الأسرة المعيشية، وإلى جانب سياسة الرعاية الاجتماعية، تلعب سياسة الإسكان دوراً في ذلك.
تابعونا على موقع
زر الذهاب إلى الأعلى