أخبارالسويد

لماذا بات لحزب اليسار هذه الأهمية في السويد؟

أخبارالسويد

لماذا بات لحزب اليسار هذه الأهمية في السويد؟

مقال نقاش- منصّة «أكتر» السويد

في يونيو/حزيران الماضي، تمكن حزب اليسار «وهو الذي لم يكن يوماً جزءاً من الحكومة» من إفقاد حكومة لوفين الثقة في البرلمان. كما لم تتمكن ماغدالينا أندرسون من تشكيل حكومة قبل توصلها مساء الثلاثاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني إلى اتفاق بخصوص المعاشات التقاعدية يقنع حزب اليسار بالتصويت لصالحها في البرلمان. 

فما الذي أوصل حزب اليسار ليصبح بهذه الأهميّة، أو كما يقال في التعبير العربي: «بيضة القبان»؟

Photo TT
مؤتمر حزب اليسار بقيادة رئيسته نوشي دادغوستر

لمحة تاريخية

تعود جذور حزب اليسار إلى 1917، عندما انفصلت مجموعة من «حزب الاشتراكيين الديمقراطيين السويديين» عن الحزب وشكّلوا «حزب اليسار الاشتراكي الديمقراطي السويدي» بعد محاولة نخب الحزب القديم إسكات المعارضة داخل الحزب عبر ما سُمي قرار التوحيد أو Munkorgsstadgan، على إثر الاضطرابات العمالية التي اجتاحت السويد في 1917 ومشاركة الحزب القديم مع الليبراليين في دعم العسكرة.

ثمّ بعد تقلبات كثيرة، في 1990 بات اسمه الحالي «حزب اليسار».

Foto PrB/TT
تعود جذور حزب اليسار إلى 1917

القفزات الانتخابية

رغم عدم مشاركة حزب اليسار في الحكومة مطلقاً، فمنذ تأسيسه والحزب الاشتراكي الديمقراطي يحصل على تأييده عموماً، وكان ذلك واضحاً أحياناً ببعض الترتيبات مع الحكومة ليدعمها من خارجها.

وبعد أن سجّل أفضل نتائجه الانتخابية في 1998 بتحقيقه 12% من الأصوات، انخفضت نتائج حزب اليسار الانتخابية في أول انتخابات في القرن الحالي عام 2002، ليحصل على 8.3% فقط. ثمّ في انتخابات 2006 انخفضت أصواته أكثر لتصل إلى 5.8%. في 2010 استمرّ تدهور الحزب الانتخابي ليصل إلى 5.6% من الأصوات فقط.

Foto Alf Lindberg
سجّل أفضل نتائجه الانتخابية في 1998 بتحقيقه 12% من الأصوات،

استمرّ التخبط لفترة، ولكن بسبب عدد من العوامل، منها خارج الحزب مثل تعامل الحكومة السويدية مع آثار الانهيار المالي العالمي 2008 بإنقاذ البنوك، ما أثار سخط المتضررين من العمّال والفقراء السويديين. ومنها داخل الحزب بوصول قيادة أكثر جذرية لقيادة الحزب تمثلت بوصول يوناس خوستدت Jonas Sjöstedt .

كان يوناس ناشطاً غير أكاديمي – عامل حديد سابق، وزعيم نقابي منذ التسعينيات في مصانع فولفو، وكان له خبرة واسعة لعضويته في عدد من الأحزاب الاشتراكية الخارجية تبعاً لعيشه في الولايات المتحدة عدّة أعوام. ورغم عدم بروز اسم يوناس بشكل استثنائي، فقد كان واضحاً تحوّل سياسات الحزب مع وصوله لقيادة الحزب.

في انتخابات 2014 حقق حزب اليسار ارتفاعاً طفيفاً في أصوات الناخبين 5.7%، ثمّ في 2018 ارتفعت حصته من الأصوات إلى 8%.

ثمّ أعلن يوناس نيته الاستقالة لأسباب عائلية. وبعد عقد مؤتمر الحزب في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2020، تمّ انتخاب نوشي دادغوستار Nooshi Dadgostar كرئيسة لحزب اليسار.

Foto Björn Larsson Rosvall/TT
انتخاب نوشي دادغوستار رئيسة للحزب

القفزة الجديدة

بدءاً من 2019 و2020، بدا بأنّ الاستطلاعات تشير إلى تزايد شعبية حزب اليسار بين السويديين. حيث وصفت الاستطلاعات تزايد شعبية الحزب في 2020 إلى 10.4%. وكان التفسير الأبرز لهذه الزيادة هي عدم رضى ناخبي الحزب الاشتراكي-الديمقراطي بتبني حزبهم المزيد من السياسات اليمينية.

وكما قال سكرتير حزب اليسار آرون إيتزلر  Aron Etzler: الوضوح في سياسة الحزب هي سبب شعبيته المتزايدة.

ورغم أنّ نتائج الاستطلاعات تختلف بحسب توجهات ومعايير المؤسسات والشركات التي تجري الاستطلاعات، فجميع الاستطلاعات تشير إلى أنّ شعبية حزب اليسار في تزايد مستمر، وأحياناً تزايد مذهل.

Foto Janerik Henriksson/TT
 سكرتير حزب اليسار آرون إيتزلر  

كمثال: في استطلاع Novus لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021، حاز حزب اليسار على 11.3% من أصوات الناخبين. وفي استطلاع Skop لشهر أيلول/سبتمبر 2021، حاز حزب اليسار على 12.5% من أصوات الناخبين. وفي استطلاع Sentio لشهر أكتوبر/تشرين الأول 20201، حاز حزب اليسار على 11.9% من أصوات الناخبين. 

عند سؤال زعيمة الحزب نوشي عن النسبة التي يأملون تحقيقها في الانتخابات القادمة في 2022، ردّت بأنّهم لا يريدون تحديد نسبة محددة، ولكنّهم يهدفون ليكبروا. بحسب نوشي فجزء هام من جدول أعمالهم هو التحوّل من حزب متخصص بالأشخاص المهتمين بالسياسة، إلى حزب للطبقة العاملة الأوسع: لمن لديهم وظائف عادية، ونمط حياة عادي… للابتعاد عن التصور النخبوي لليسار، إلى يسار أكثر اتساعاً.

سحب الثقة من لوفين

كان الخلاف بين حكومة لوفين وحزب اليسار نقطة تحوّل كبرى في السياسة السويدية يجب التوقف عندها باختصار من أجل فهم ما يحدث:

بعد انتخابات 2018، شكّل الحزب الاشتراكي الديمقراطي مع حزب البيئة حكومة تلقت دعم حزب الوسط والحزب الليبرالي بوعد من الحكومة تطبيق أجزاء من برامجهما. عارض حزب اليسار نقطتين في البرنامج الحكومي: إدخال تعديلات على قانون حماية العمالة، وتحرير الإيجارات بجعلها تحدد من قبل السوق. وأعلن في حينه رئيس حزب اليسار يوناس خوستدت بأنّ حزبه سيصوت بسحب الثقة عن الحكومة إن تمّ تطبيق هاتين النقطتين.

سحب الثقة من لوفين

في 8 يونيو/حزيران 2021 قدمت اللجنة الحكومية تقريرها للحكومة لتحرير الإيجارات. دعت رئيسة حزب اليسار نوشي دادغوستار إلى مؤتمر صحفي في اليوم ذاته، ومنحت الحكومة مهلة 48 ساعة للتخلص من اقتراح القانون. حاولت الحكومة بقيادة لوفين الضغط على حزب اليسار ليقبل بالأمر الواقع وإلّا سيفتح المجال لتشكل حكومة يمينية.

في 21 يونيو/حزيران، تمّ التصويت على الثقة بحكومة لوفين، وكانت المرّة الأولى التي يفقد فيها رئيس وزراء الثقة في تاريخ السويد. ثمّ في 7 يوليو/تموز، بعد إعلان حزب الوسط عدم تمسكهم بمطلب تحرير الإيجارات، تراجع حزب اليسار عن التصويت بسحب الثقة لحكومة لوفين، وأعيد انتخابها في 9 يوليو/تموز.

نظر الكثيرون من الشعب السويدي باحترام لموقف حزب اليسار، فمن بين جميع الأحزاب التي صوتت ضدّ حكومة لوفين، كان هو الحزب الوحيد الذي وقف عندها من أجل مبادئه في مسألة رفض تحرير الإيجارات، بينما بقية الأحزاب كانت تريد التخلص من لوفين والاشتراكيين الديمقراطيين وحسب على أمل الوصول لأزمة تشكيل للحكومة والدعوة لانتخابات مبكرة.

ما القادم؟

لا أحد يمكنه الجزم بما سيحدث في المستقبل. لكن من المرجح أن يحقق حزب اليسار شعبية أكبر في الانتخابات المقبلة، مع العلم أنّ عدم موافقته على دعم أندرسون في تشكيل الحكومة دون رفع المعاشات التقاعدية ستساهم بلا شك في تعزيز أنّ حزب اليسار مبدأي، ولكنّه بنفس الوقت مرن ولا يهدف إلى التعطيل لأجل الاستفادة من خلق أزمة.

في تعليق نشرته نوشي دادغوستار على فيسبوك بمحاولة شرح سبب صلابتها في المفاوضات مع ماغدالينا أندرسون، كان أبرز ما قالته: لا يمكننا منح ثقتنا لحكومة لا تأثير لنا على سياساتها. لا يمكن لأي حزب فعل ذلك. إن فعلتها فكأنك تخبر الشعب بأنّ السياسات ستبقى على حالها بغض النظر عن تصويتهم لأي حزب.

أبرز ما ينادي به الحزب كما يرد في موقعه الرسمي:

  • إزالة الربح من نظامنا للرفاه. على أموال الضرائب أن تذهب لصالح الرعاية الصحية والمدارس والرعاية، وليس لجيوب الشركات والأثرياء.
  • بناء نظام رفاه يمكن الوثوق به، بغض النظر عن مكان سكنك أو من تكون.
  • تدعيم دور المرأة مثل حقّها بالتوظيف الكامل وإجازات الأمومة.
  • تدعيم قانون العمّال بحيث يضمن ظروف عمل عادلة وبيئة عمل آمنة.
  • مناهضة العنصرية
  • معالجة المشاكل الريفية
  • بناء المساكن
  • إبقاء السويد حيادية
  • تعزيز حماية البيئة

المصدر

تابعونا على موقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى